مقالات وأراء

تاريخ الدساتير في الإسلام الشيخ /عبد الناصر بليح

 الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ..أما بعد

 تاريخ الدساتير في الإسلام يرجع إلي أول دستور كتبه الرسول صلي الله عليه وسلم بعد هجرته من مكة إلي المدينة واخترنا تسميته بالدستور، فهو الاسم الحالي الرسمي للوثيقة التي تنظم الشأن للدولة . فالمعاهدة تنظم العلاقات الخارجية بين دولة ودولة، أما الدستور فيطلق على الوثيقة التي تنظيم الشأن العام الداخلي للدولة . وقد تعددت أسماؤه وكثرة الأسماء دليل علي عظم المسمي: سماه ابن إسحاق وكتاب السير القدماء : الموادعة، وسماه الطلابي : الوثيقة أو الصحيفة، وسماه صفي الرحمن المبارك فوري ميثاق التحالف الإسلامي، وسماه الحميدي :صحيفة المعاهدة بين أهل المدينة،وسماه البوطي وثيقة بين المسلمين وغيرهم ، و دستور المدينة.. مفخرة الحضارة الإسلامية فور هجرة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى المدينة المنورة كتب دستورًا تاريخيًا ،ووقف ليعلن أول بيان في هذا الدستور:” أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ” فأول دستور مدني عرفه التاريخ الإسلامي هو دستور “المدينة” الذي تمت كتابته وقت هجرة سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة. في السنة الأولى للهجرة عام 623م، واعتبره المؤرخون أحد أهم التجارب الديمقراطية في الحضارة الإسلامية، حيث استهدف تنظيم العلاقة بين الطوائف المجتمعية وكان أهمها المهاجرين والأنصار والفصائل اليهودية. وبهذا الدستور، صارت المدينة المنورة دولة مكتملة الأركان رئيسها الرسول ومرجعيتها الشريعة الإسلامية الحقة وكفل جميع حقوق الإنسان كحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر والمساواة والعدل. ويبدأ النص الدستوري “لدستور المدينة”ب (بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن اتبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ” مؤكدًا أن هذا الدستور أرسى مبادئ وأسسًا وقواعد وقيمًا تمكن الناس من العيش المشترك مع المختلفين معهم عرقيًا أو دينًا أو ثقافيًا. وأشار إلى أن أول مادة حرص أن ينص عليها الدستور هي المساواة بين الجميع “المهاجرون من قريش وبنو عوف وبنو سعادة وبنو جشم وبنو النجار وبنو عمرو وبنو النبيت وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثمًا أو عدوانًا أو فسادًا بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعًا ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنًا في كافر ولا ينصر كافرًا على مؤمن.

و دستور “المدينة” تضمن نصوصًا تحدد الحريات وتحافظ على مبادئ وقيم التعايش والتعددية الدينية وهى “أن المؤمنين ينبئ بعضهم عن بعض بما نال دماؤهم في سبيل الله، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفسًا ولا يحول دونه على مؤمن، وأنه من اعتبط مؤمنًا قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولى المقتول (بالعقل)، وأن المؤمنين عليه كافة لا يحل لهم إلا قيام عليه، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وأنهم أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته”. إن دستور المدينة تضمن نصًا صريحًا لتحقيق العدالة الاجتماعية ونشر مبادئها فى المجتمع وهى “يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأن لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله، وأنهم إذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم”. و الدستور شرع لمبدأ مهم للمحافظة على المواطنة والأمن في المجتمع وهو “يهود الأوس مواليهم وأنفسهم لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، و أنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو آثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله”. وقد أطنب فيه المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي، واعتبره الكثيرون مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومَعلَمًا من معالم مجدها السياسي والإنساني.. إن هذا الدستور يهدف بالأساس إلى تنظيم العلاقة بين جميع طوائف وجماعات المدينة، وعلى رأسها المهاجرين والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، يتصدى بمقتضاه المسلمون واليهود وجميع الفصائل لأي عدوان خارجي على المدينة.. وبإبرام هذا الدستور –وإقرار جميع الفصائل بما فيه- صارت المدينة دولة وفاقية رئيسها الرسول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصارت المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وصارت جميع الحقوق الإنسانية مكفولة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، والمساواة والعدل.. أقرَّ الإسلام التعددية الدينية منذ البداية لقد جاء تأكيد إقرار الإسلام بالتعددية الدينية في (الفقرة 25) من الوثيقة: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم. ومع ذلك هم أمة واحدة سياسياً ودستورياً، وإن كا ن لكل دينه الذي يختص به، وهذا يذكر بما جاء في سورة الكافرون (لكم دينكم ولي دين) وبقوله تعالى: إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (الحج 17). فقد أوردت الآية أصحاب العقائد والأديان من المسلمين (المؤمنين) واليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين جنباً إلى جنب ثم بينت بأن سلطة الفصل بين أتباع الأديان بيد الله تعالى وحده، وأن هذا الفصل الإلهي بين أتباع الأديان موعده يوم القيامة، وليس في هذه الحياة الدنيا، وعلى أتباع الأديان أن يتعايشوا بسلام وتعاون في هذه الحياة الدنيا، وأن يقبلوا بعضهم بعضاً، وأن يقروا بحق الجميع في الوجود، وليس لأحد منهم سلطة الفصل في شأن عقائد الآخرين. “حوي هذا الدستور اثنين وخمسين بندا، كلها من رأي رسول الله. خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان. وقد دُون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء. وضع هذا الدستور في السنة الأولى للهجرة، أي عام 623م. ولكن في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده”[ ك. جيورجيو : نظرة جديدة في سيرة رسول الله ، ص 192]. ومن ثم تعالوا نقف وقفات سريعة على أهم معالم القيم الحضارية التي نراها جلية في هذا الدستور: أولاً: الأمة الإسلامية فوق القبلية: قال الدستور في ذلك: “إنهم [أي الشعب المسلم] أمة واحدة من دون الناس”[ ابن سيد الناس : عيون الأثر 1/260، وابن كثير: السيرة النبوية 2/ 321].وبهذا البند اندمج المسلمون على اختلاف قبائلهم وأنسابهم إلى جماعة الإسلام، فالانتماء للإسلام فوق الانتماء للقبيلة أو العائلة، وبهذا نقل رسول الله العرب من مستوى القبيلة إلى مستوى الأمة. ثانيًا: التكافل الاجتماعي بين فصائل الشعب: وفي هذه القيمة كُتبت البنود التالية: “المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين”[ ابن سيد الناس : عيون الأثر 1/260، وابن كثير: السيرة النبوية 2/ 321]. “وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين”[ مرجع سابق ]. “وبنو سَاعِدَةَ على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، والقسط بين المؤمنين… “وبنو جُشَمٍ على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، والقسط بين المؤمنين.. “بنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، والقسط بين المؤمنين.. “وَبَنُو الْأَوْسِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى ، وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ .. “وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ”[ ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 501]. ثالثاً: ردع الخائنين للعهود : وفي هذا الحق كُتب البند التالي: “وإن المؤمنين المتقين (أيديهم) على (كل) من بغى منهم أو ابتغى دسيعة أي ظلم أو إثما أو عدوانا أو فسادا بين المؤمنين، وإن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم”[مرجع سابق]. وهذا نص في جواز حمل السلاح على أي فصيل من فصائل المدينة إذا اعتدى على المسلمين.. وبموجب هذا النص حُكم بالإعدام على مجرمي قريظة – بعد معركة الأحزاب (في ذي القعدة 5 هـ/إبريل 627 م ) – ، لما تحالفوا مع جيوش الأحزاب الغازية للمدينة، وبغوا وخانوا بقية الفصائل، على الرغم من أنهم أبناء وطن واحد! رابعا: احترام أمان المسلم: وجاء في هذا الأصل الأخلاقي البند التالي: “وإن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم، وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.”[مرجع سابق] .. فلأي مسلم الحق في منح الأمان لأي إنسان، ومن ثم يجب على جميع أفراد الدولة أن تحترم هذا الأمان، وأن تجير من أجار المسلمُ، ولو كان المجير أحقرهم. فيُجير على المسلمين أدناهم، بما في ذلك النساء، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم هانئ: ” أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمّ هَانِئٍ “[ ابن القيم : زاد المعاد 3/ 108]. خامسا: حماية أهل الذمة والأقليات غير الإسلامية: وجاء في هذا الأصل: “وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصر عليهم”[ ابن سيد الناس : عيون الأثر 1/260، وابن كثير: السيرة النبوية 2/ 321، ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 502]. وهو أصل أصيل في رعاية أهل الذمة، والمعاهدين، أو الأقليات غير الإسلامية التي تخضع لسيادة الدولة وسلطان المسلمين .. فلهم –إذا خضعوا للدولة– حق النصرة على من رامهم أو اعتدى عليهم بغير حق سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، من داخل الدولة أو من خارجها.. سادسا: الأمن الاجتماعي وضمان الديات: وجاء في هذا الأصل: “وإنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول (بالعقل)، وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه”[مرجع سابق]. وبهذا أقر الدستور الأمن الاجتماعي، وضمنه بضمان الديات لأهل القتيل، وفي ذلك إبطال لعادة الثأر الجاهلية، وبين النص أن على المسلمين أن يكونوا جميعًا ضد المعتدي الظالم حتى يحكم عليه بحكم الشريعة.. “ولا شك أن تطبيق هذا الحكم ينتج عنه استتباب الأمن في المجتمع الإسلامي منذ أن طبق المسلمون هذا الحكم”[ عبد العزيز بن عبد الله الحميدي : التاريخ الإسلامي مواقف وعبر، 3/49]. سابعا: المرجعية في الحكم إلى الشريعة الإسلامية: وجاء في هذا الأصل: “وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله –عز وجل- وإلى محمد… “وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مردَّه إلى الله، وإلى محمد رسول الله، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره” ثامنا: حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر مكفولة لكل فصائل الشعب: وجاء في هذا الأصل: “وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، ومواليهم وأنفسهم إلا من ظلم نفسه وأَثِم فإنه لا يوتغ[يعني يهلك] إلا نفسه وأهل بيته” [ابن كثير: السيرة النبوية 2/ 322، ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 503]. تاسعا: الدعم المالي للدفاع عن الدولة مسؤولية الجميع: وجاء في هذا الأصل: “وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين”[مرجع سابق]. فعلى كل الفصائل بما فيها اليهود أن يدعموا الجيش ماليًا وبالعدة والعتاد من أجل الدفاع عن الدولة، فكما أن المدينة وطن لكل الفصائل، كان على هذه الفصائل أن تشترك جميعها في تحمل جميع الأعباء المالية للحرب. عاشرا: الاستقلال المالي لكل طائفة: وجاء في هذا الأصل: “وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم” . فمع وجوب التعاون المالي بين جميع طوائف الدولة لرد أي عدوان خارجي، فإن لكل طائفة استقلالها المالي عن غيرها من الطوائف. الحادي عشر: وجوب الدفاع المشترك ضد أي عدوان : وجاء في هذا الأصل : “وإن بينهم النصر على من دهم يثرب ” . “وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة” . وفي هذا النص دليل صريح على وجوب الدفاع المشترك، ضد أي عدوان على مبادئ هذه الوثيقة. الثاني عشر: النصح والبر بين المسلمين وأهل الكتاب: وجاء في هذا الأصل: “وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم” . فالأصل في العلاقة بين جميع طوائف الدولة –مهما اختلفت معتقداتهم– هو النصح المتبادل، والنصيحة التي تنفع البلاد والعباد، والبر والخير والصلة بين هذه الطوائف. وقد اشتملت الدستور على قيم حضارية أخرى منها: الثالث عشر: حرية كل فصيل في عقد الأحلاف التي لا تضر الدولة وجاء في هذا الأصل:”وإنه لا يأثم امرؤ بحليفه” . الرابع عشر: ووجوب نصرة المظلوم: وجاء في هذا الأصل : “وإن النصر للمظلوم.” الخامس عشر: وحق الأمن لكل مواطن: “إنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم وأثم، وإن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول”[ ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 503 ]. هذه بعض معالم الحضارة الإسلامية في دستور المدينة، تبين لك – كما رأيت – كيف سبق النظامُ الإسلامي جميع الأنظمة في إعلاء قيم التسامح والتكافل والحرية ونصرة المظلوم .. وغيرها من القيم الحضارية التي يتغنى بها العالم في الوقت الراهن دون تفعيل جاد أو تطبيق فاعل. موقف وثيقة المدينة من حقوق الإنسان : دعنا لا ننسى أن هذه الصحيفة الدستورية قد كتبت في زمان لم تكن فيه حقوق للمواطنين مرعية في الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية فضلاً عن قبائل العرب في شبه جزيرتهم. ولا ريب أن الأحكام والأسس التي تضمنتها هذه الوثيقة وكذلك العهد النبوي لأهل نجران، والعهود العمرية من بعد ينبغي أن تكون ضابطة لمذاهب الفقهاء ولممارسات الحكام المسلمين مع مواطنيهم، وكل خروج عن مقتضى هذه الأحكام غير مقبول سواء قال به فقيه من الفقهاء أو أقره حاكم من الحكام.

علاقة هذه الوثيقة بالعهد النبوي إلى نصارى نجران والوثيقة العمرية : أرى أن صحيفة المدينة والعهد النبوي لنجران وملحقاتهما، والعهود العمرية من بعد، قد حفظت للمواطنين من أهل الكتاب وضعاً دستورياً متميزاً في الدولة الإسلامية، فقد حصن الرسول صلى الله عليه وسلم حقوقهم بكونهم في جوار الله وفي ذمة محمد النبي رسول الله، وقد ختمت صحفية المدينة بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: وأن الله جار لمن برّ واتقى، ومحمد رسول الله.

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »